كيفية معاقبة الطفل

كيفية معاقبة الطفل

كيفية معاقبة الطفل

مقدمة

    إنّ الإنسان خلال حياته يمرّ بكثير من المراحل، أولها وأهمها هي مرحلة الطفولة، والتي يبدأ فيها الإنسان بالنمو الجسمي و الفكري، فيبدأ بتجميع الأفكار و المهارات كي يواجه مراحل حياته اللاّحقة، وليكن في علم الآباء أن ما يتعلمه الطفل في مراحله الأولى والطريقة التي يعيش بها و التنشئة التي يتلقاها هي ما يحدّد  مصيره و مستقبله والطريقة التي سوف يعيش بها لاحقا، لأن ما يتعلمه الطفل في صغره  يبقى راسخا في ذهنه مدي الحياة، و كما يقول المثل " التعلم في الصغر كالنّقش على الحجر" ، و لهذا لا بد من تنشئة الطفل تنشئة سليمة، والتعامل معه بالطرق الصحيحة التي تجعل منه طفلا سليما مستقيماً في حياته وتصرفاته. و الابتعاد كل البعد عن التعامل مع الأطفال بالطرق غير الصحيحة لأنها سيئة جداً وتضر بالأطفال ضررا بليغا.

     فمثلا من يعتقد أن ضرب الأطفال  مجدياً فهو خاطئ لا محالة، لأن ضرب الطفل له آثار سلبية على شخصيته تجعله يتصرف بسلوك غير سوي، وتظهر سمات العنف و العدوانية في تعامل الطفل مع الأمور التي يواجهها، لذلك لا بد من الحيطة و الحذر في التعامل مع الأطفال، ومعاقبتهم بالطرق السليمة والتي لا تترك أي آثار سلبية عليهم، لأن استخدام العقاب بالطرق الصحيحة يساعد الطفل على حلّ مشاكله، ولو يشعر الطفل بقليل من الذنب فلا بأس بذلك، لأن إحساسه بالذنب يجعله متراجعا عن ارتكاب الخطأ مستقبلا، و أحيانا إن كانت أخطاء الطفل قليلة و غير مؤذية فلا بأس بالتغافل عنها، فعلى المرء أن يكون منطقياً في تعامله مع الطفل ، فهو لا يعرف ما هو صائب وما هو خاطئ إلا من خلال أبويه.

بعض أساليب العقاب

النظرة الحادة

    إن الطفل في سنواته الأولى من عمره  دائما ما يكون فضولياً جداً، فتجده يريد معرفة كل شيء و كل ما حوله و هذا أمر طبيعي، وقد يصل به فضوله إلى اللّعب بأشياء خطيرة قد تضره كثيرا، كالنار مثلا فهو لم ينضج بعد، لذلك وجب على الآباء إبعاد كل الأشياء عن طريقه و التي قد تشكّل خطراً على الطفل، و إن عاند الطفل أو أصرّ فنظرة حادة قد تكون كافية لردعه و ايقافه، لأن نظرة حادة من الأب أو الأم وغضبهم الذي يظهر على ملامح وجوههم يجعل الطفل في الحين مدركا أنه ارتكب أمرا خاطئا لا يجب تكراره.

حرمان الطفل من شيء محبّب له

    يعتبر الحرمان من أهم أساليب العقاب، و أقواها فاعلية على الاطلاق، لأنك حين تقوم بحرمان طفلك من شيء محبّب له، يراجع نفسه سريعا ويظهر استعدادا كبيرا لفعل أي شيء كي يسترد ما حرم منه، أو لكي لا يُحرم من أشياء أخرى يحبها، حيث أن الحرمان يكون وسيلة توصل من خلالها رسالة لعقل الطفل مفادها أن ما قام بفعله عمل خاطئ و يجب  عدم تكراره ، لكن يجب على الآباء أن ينتبهوا في تطبيق هذا النوع من العقاب، حيث لا يجب  أن ينزل عقاب الحرمان على الطفل إلا بعد تكرار الخطأ أكثر من مرّة، و أن يكون لفترة قصيرة نسبيا مثلاً لساعة أو لبضع ساعات أو ليوم على الأكثر؛ لأن الحرمان الطويل قد يضرّ الطفل ويؤثر سلباً في شخصيته ونفسيته.

 حبس الطفل وإهماله

    إنّ حبس الطفل وإهماله عقاب ذو فائدة كبيرة، وللأسف  لا يستخدمه كثير من الأولياء، فحين يخطئ طفلك اجعله يذهب إلى زاوية معينة من زوايا المنزل، وأن يقف فيها أو يجلس على كرسي مع الانشغال عنه وإهماله ولكن بعين المراقبة و الرحمة، ويجب أن تكون فترة هذا العقاب بين الخمس دقائق و العشر دقائق، ولا تتكلم مع الطفل أثناء هذه الفترة، ولكن بعد انتهاء مدة العقاب يجب التحدث مع الطفل وأن تفهّمه سبب العقوبة، وتجعله يعدك  بأنه لن يكرر خطأه مرة أخرى.

نصائح و ارشادات قيمة       

      هناك طرق و أساليب تجعل الطفل يستجيب بسرعة و دون استخدام وسائل العقاب، و منها أسلوب اللغة الإيجابية و الذي يتمحور  أساسا حول الابتعاد عن السلبية في تعاملنا و تفاعلنا مع الطفل، كأن تقول له مثلا إن لم تفعل كذا لن أشتري لك هدية، وإن لم تكف عن فعل كذا لن أحبك، فيجب الابتعاد عن هذه اللغة السلبية و استبدالها باللغة الإيجابية وسوف تجد أن هنالك فارقا كبيرا في نفسية الطفل و سلوكه، فعوضا من أن تقول للطفل لن أحبك قل له افعل كذا كي أحبك و أشتري لك هدية، واجعل كل عمل صحيح أو سلوك مستقيم لطفلك بمثابة انجاز و كافئه على انجازه بقبلة أو بهدية أو بفسحة.

-          ابدأ بتعليم طفلك كيف يميز بين ما هو صواب وما هو خطأ وبين ما هو جيّد وما هو سيء.

-          لكي لا يشعر الطفل بأنك تركّز دائما على تصرفاته و سلوكياته السيئة، عليك القيام بمدحه و تملّقه عند قيامه بأمور جيّدة، لأن عدم مدح الطفل قد يجعله يتصرف بالسوء عمدا لكي يجذب انتباهك و اهتمامك.

-          ابتعد كل البعد عن اصدار تهديدات مهولة و قوية لطفلك بعقاب من المستحيل أن تنزله عليه لكي لا تفقد مصداقيتك و هيبتك أمامه.

-          قم باستخدام أسلوب يناسب عمر الطفل لما تشرح له أخطائه و عواقبها، وكن صريحاً معه و خاطبه على قدر عقله.

-          حين يرتكب طفلك خطأ، عليك أن تختار العقوبة المناسبة لذلك الخطأ الذي ارتكبه، فهناك أخطاء علاجها التذكير بالتصرف الحسن فقط، وتوجد أخطاء أخرى لا بدّ لها من عقوبة لعلاجها ولحفظ انضباط الطفل و تهذيبه.

-          من الحكمة أن يعي الآباء أن عقوبة الطفل يجب أن تكون متناسبة مع سنّه، فالأطفال الأصغر سناً قد لا يفهمون و لا يدركون سبب العقوبة أصلا، و إن أدركوا أو فهموا السبب فقد ينسونه خلال دقائق، وليس من الحكمة في شيء أن يُعاقب طفل و عمره أقل من ثلاثة سنوات، بما يُعاقب به طفل يبلغ من العمر ثلاثة عشر عاما.

-          لما يرتكب طفلك أشياء خاطئة أو يحاول ارتكابها، فبدلاً من الصراخ عليه و مخاطبته بلهجة قوية و قاسية، خاطبه بهدوء على أن يتوقف عن هذا التصرف الخاطئ ، و حتى  لو كان الطفل متعنّتا وعنيداً، قم باستخدام نفس أسلوب الهدوء في الكلام معه، مخبرا اياه بضرورة التوقف عن تصرفه، و لكن اشرح له الأسباب و الأذى الذي قد يصيبه إن لم يتوقف.

-          احرص كل الحرص على جعل كل من يتعامل مع طفلك بشكلٍ مباشر، أن يتعامل معه بنفس أسلوبك الذي تستخدمه معه عند ارتكابه خطأ ما، فلا يجوز لغيرك تشجيع الطفل بأن لا يستجيب لك و أنت تريد تنفيذ العقاب، لكي لا تفقد سيطرتك على ابنك و تولّي زمام أموره لسبب وجود من يسانده ويشجعه على سلوكه الخاطئ ويجعله يعتقد بأنه صحيح.

-          الكثير من الأولياء و خاصة في زماننا هذا يأخذون بأبنائهم إلى حضانات الأطفال، و يبقونهم لمدّة طويلة عند مُربيات طباعهن وعاداتهن مختلفة عن طباعهم و عاداتهم ، مما يجعل الأبناء يكتسبون أساليبا قد تكون خاطئة و من الصعب أن يعدلوا عنها، و يجني الآباء بعدها فقدان السيطرة على أطفالهم لبعدهم عنهم غالبية الوقت، ولذلك من الأفضل للأولياء أن يقوموا بتربية أطفالهم معتمدين على أنفسهم و أن يكونوا قدوة لهم.

-           اياك واستخدام أساليب العنف ضد أطفالك، من ضرب أو صراخ أو سباب، لأنها أساليب الجهلاء الذين لا يدركون أن العنف مع الأطفال يضرّهم ضررا بليغا و يجعلهم عنيفين و مضطربين.